الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)
.الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْوَاجِب: وَالْبَحْثِ عَنْ جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ وَمَصْرِفِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَبْحَاثٍ:.الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي جِنْسِهِ: وَهُوَ المقتاة وَفِي الْكِتَابِ هُوَ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالسَّلْتُ وَالذُّرَةُ وَالدَّخَنُ وَالْأُرْزُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ قَالَ سَنَدٌ فِي الْمُخْتَصَرِ يُؤَدِّيهَا مِنْ كُلِّ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِنْ كَانَ قُوتَهُ فَعَلَى هَذَا يُؤَدِّيهَا مِنَ الْقُطْنِيَّةِ وَزَادَ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ الْعَلْسَ فَجَعَلَهَا عَشْرَةً وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُجْزِئُ إِلَّا الْأَرْبَعَةُ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ وَالْأَقِطُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ بِالْخَمْسَةِ الَّتِي فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنهُ كَمَا يخرج زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مَنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ لِأَنَّ الْقَمْحَ عِنْدَهُ مِنْ جِنْسِ الشَّعِيرِ لَنَا أَنَّ تَعْدِيدَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَاسِ غَيْرِهَا عَلَيْهَا إِمَّا لِأَن هَذَا من مَفْهُومِ اللَّقَبِ الَّذِي هُوَ أَضْعَفُ الْمَفْهُومَاتِ الْعَشْرَةِ فَيُقَدَّمُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ أَوِ الْقِيَاسُ عَلَى بَابِ الرِّبَا ويؤكد الْقيَاس قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّلَبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ إِنَّمَا هُوَ غِنَاهُمْ عَنِ الطَّلَبِ وَهُمْ إِنَّمَا يَطْلُبُونَ الْقُوتَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ وَمَنَعَ ح إِخْرَاجَ الْأَقِطِ إِلَّا بِالْقِيمَةِ وَأَنْ يَكُونَ أَصْلًا قِيَاسًا عَلَى الْقَثِّ الَّذِي هُوَ حَبُّ الْغَاسُولِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ وَارِد فِي النَّص فَيكون الْقيَاس قبالة فَاسِدا سلمنَا صِحَّته لَكِن الْفرق أَن الْأَقِطَ يُقْتَاتُ مَعَ الِادِّخَارِ كَالتَّمْرِ بِخِلَافِ الْقَثِّ فرع قَالَ فَإِنْ لَمْ يَعْمَلِ الْأَقِطَ وَكَانَ الْقُوتُ اللَّبَنُ فَظَاهَرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ مِنْ إِخْرَاجِ اللَّبَنِ وَيَنْظُرُ إِلَى قُوتِ أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إِلَيْهِمْ وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيَّةُ مَعَ وُجُودِ الْأَقِطِ وَالْفَرْقُ لَنَا الِادِّخَارُ.فَائِدَةٌ:فِي التَّنْبِيهَاتِ الْأَقِطُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ جُبْنُ اللَّبَنِ الْمُخْرَجُ زُبْدُهُ وَيُقَالُ أَيْضًا بِكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْقَافِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقَطَّانِيِّ وَإِنْ أُخْرِجَتْ عَنْ غَيْرِهَا بِالْقِيمَةِ وَلَا يُجْزِئُ دَقِيقٌ وَلَا سَوِيقٌ وَكره التِّين وَمنعه الْحَنَفِيّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَرَى أَنْ يُجْزِئَهُ خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا لَا يجزيء كَالْقُطْنِيَّةِ وَنَحْوِهَا إِذَا كَانَ قُوتَ قَوْمٍ أَجْزَأَهُمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا أَخْرَجَ الدَّقِيقَ وَمَعَهُ رِيعُهُ أَجْزَأَهُ وَرَأَى الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ عَيْشِ كُلِّ أَمَةٍ لَبَنًا أَوْ لَحْمًا أَوْ غَيْرَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ تَسْوِيَةُ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ فِيمَا فِي أَيْدِي الْأَغْنِيَاءِ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ يُخْرِجُ الدَّقِيقَ وَالسَّوِيقَ وَهُمَا أَصْلَانِ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الطّرق الدَّقِيق وَقِيَاسًا عَن الْحَبِّ جَوَابُهُمَا أَنَّ الرِّوَايَةَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ وَأَنَّ مَنَافِعَ الْحَبِّ الصَّلْقُ وَالْبَذْرُ وَغَيْرُهَا بِخِلَافِ الدَّقِيقِ وَقَدْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْخَبَرَ لَا يُجْزِئُ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا أَجَزْنَا الدَّقِيقَ فَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ الْخُبْزَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَدِّ الدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ جِنْسَيْنِ أَوْ جِنْسًا فِي الْبَيْعِ وَالْمُسْتَحَبُّ غَرْبَلَةُ الْحَبِّ وَلَا يجب إِلَّا أَن يكون غلَّة قَالَه مَالك وَلَا يَجْزِي الْمُسَوَّسُ الْفَارِغُ بِخِلَافِ الْقَدِيمِ الْمُتَغَيِّرِ الطَّعْمِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ..الْبَحْثُ الثَّانِي فِي صِفَتِهِ: وَفِي الْكِتَابِ يخْرِجُ أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ مِنْ غَالِبِ عَيْشِهِمْ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ مِنْ عَيْشِهِ هُوَ وَعَيْشِ عِيَالِهِ إِذَا لَمْ يشح على نَفسه وَعَلَيْهِم لنا قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَغْنُوهُمْ عَنْ سُؤَالِ هَذَا الْيَوْمَ» وَالْمَطْلُوبُ لَهُمْ غَالِبُ عَيْشِ الْبَلَدِ وَقِيَاسًا عَلَى الْغَنَمِ الْمَأْخُوذِ فِي الْإِبِلِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ عَدَلَ عَنْ غَالِبِ عَيْشِ الْبَلَدِ أَوْ عَيْشِهِ إِلَى مَا هُوَ أعلى أَجْزَأَ وَإِلَى الْأَدْنَى لَا يُجْزِئُ عِنْدَ مَالِكٍ خلافًا ل ش وح وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَفْضَلِ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّلْتِ فَأَخْرَجَ الْأَدْنَى أَجْزَأَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُخْرِجُ التَّمْرَ وَالشَّعِيرَ وَيَأْكُلُ الْبُرَّ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ بِصِيغَةِ التَّخْيِيرِ فَيُخَيَّرُ جَوَابُهُمْ أَنَّ أَوْ فِيهِ لَيْسَتْ لِلتَّخْيِيرِ بَلْ لِلتَّنْوِيعِ وَمَعْنَاهُ إِنْ كَانَ غَالب الْعَيْش كَذَا فأخرجوه أَو كَذَا فَأَخْرَجُوهُ فَهُوَ تَنْوِيعٌ لِلْحَالِ كَمَا قَالَ فِيهِ حرا أَو عبدا ذكرا أَو أُنْثَى وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّلَبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ»..الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي قَدْرِهِ: وَفِي الْجَوَاهِرِ صَاعٌ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقِيلَ يُجْزِئُهُ نِصْفُ صَاعٍ مِنَ الْبُرِّ خَاصَّةً وَقَالَهُ ح وَقِيلَ لِمَالِكٍ يُؤَدِّي بِالْمُدِّ الْأَكْبَرِ قَالَ لَا بَلْ بمده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ أَرَادَ خَيْرًا فَعَلَى حَدِّهِ سَدُّ الذَّرِيعَةِ تَغْيِيرُ الْمَقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ لَنَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَنِصْفُ الصَّاعِ مِنَ الْبُرِّ مَرْوِيٌّ وَلَمْ يَصِحَّ بَلْ قَالَ بِهِ مُعَاوِيَةُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَبِتَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَمَا ذَكَرْنَاهُ أَحْوَطُ وَأَمَّا قَدْرُ الصَّاعِ وَنِسْبَتُهُ إِلَى رِطْلِ مِصْرَ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْوَسَقِ..الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي مَصْرِفِهِ: وَفِي الْكِتَابِ يَصْرِفُهُ كُلُّ قَوْمٍ فِي أَمْكِنَتِهِمْ مِنْ حَضَرٍ أَوْ بَدْوٍ وَلَا يُدْفَعُ لِلْإِمَامِ إِلَّا أَنْ يَعْدِلَ فِيهَا فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ بِهَا عَنْهُ فَإِنْ كَانَ مَوْضِعُهُمْ أَغْنِيَاءَ نُقِلَتْ إِلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ وتعطى زكوات لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَلَا تُعْطَى لِذِمِّيٍّ وَلَا عَبْدٍ وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَى الَّذِي تَجَمَّعَ عِنْدَهُ بِيَوْمٍ أَو ثَلَاث لِأَنَّ الْإِمَامَ أَعْرَفُ بِأَهْلِ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُمْ يَقْصِدُونَهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَانَ عَدْلًا وَجَبَ دَفْعُهَا إِلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَطْلُبَهَا كَمَا يَطْلُبُ غَيْرَهَا وَقَالَ ش تَفْرِيقُ صَاحِبِهَا أَفْضَلُ وَيُقَسِّمُ كُلَّ صَاعٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ وَرَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ اسْتِحْبَابَ إِعْطَاءِ كُلِّ زَكَاةٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ تَشْبِيهًا بِالْكَفَّارَاتِ وَقَالَ ح تُعْطَى لِلذِّمِّيِّ بِخِلَافِ الزَّكَوَاتِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُعْطَى مِنْهَا مَنْ يَلِيهَا وَلَا مَنْ يَحْرُسُهَا قَالَ وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ خِلَافٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي زَكَاةِ الْمَالِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَخْرَجَهَا عِنْدَ مَحِلِّهَا فَضَاعَتْ أَوْ تَبَدَّلَتْ لَمْ يضمن وَلَو أخرجهَا لِعُذْرٍ مِنْ أَدَائِهَا وَكَانَ قَدْ فَرَّطَ فِيهَا فَضَاعَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ ضَمِنَهَا وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إِذَا فَرَّطَ انْتَقَلَتْ إِلَى الذِّمَّةِ وَكُلُّ مَا فِي الذِّمَّةِ مِنَ الْحُقُوقِ لَا تَبْرَأُ مِنْهُ إِلَّا بِإِيصَالِهِ لِمُسْتَحَقِّهِ وَإِذَا لَمْ يُفَرِّطْ كَانَتْ فِي المَال وإفراده كَالْقِسْمَةِ مَعَ الشَّرِيكِ فَيَتَعَيَّنُ نَصِيبُ الْفُقَرَاءِ فَلَا يَضْمَنُ وَوَافَقَنَا ش وَلَمْ يَضْمَنْهُ ح مُطْلَقًا وَحَيْثُ تَعَيَّنَتْ ثُمَّ ذَهَبَتْ أَوْ ذَهَبَ مَالُهُ أَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ وَجَدَهَا قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُنْفِذُهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَهْلِ الدَّيْنِ كَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ لَحِقَهُ دين..كِتَابُ الْحَجِّ: وَفِي الصِّحَاحِ هُوَ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ وَرَجُلٌ مَحْجُوجٌ مَقْصُودٌ وَحَجَّ فُلَانٌ فُلَانًا أَيْ أَطَالَ الِاخْتِلَافَ إِلَيْهِ وَالْحِجُّ بِالْكَسْرِ الِاسْمُ وَالْحِجَّةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَهُوَ شَاذٌّ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الْفَتْحُ وَهِيَ أَيْضًا شَحْمَةُ الْأُذُنِ قَالَ سَنَدٌ الْحَجُّ التَّرَدُّدُ لِلْقَصْدِ قَالَ الْخَلِيلُ هُوَ كَثْرَةُ الْقَصْد وَسميت الطَّرِيق محجة لِكَثْرَة التَّرَدُّد ووافقه صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَقِيلَ إِنَّمَا سُمِّيَ الْحَاجُّ حَاجًّا لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ لِلْبَيْتِ لِطَوَافِ الْقُدُومِ وَالْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ والمصدر حج بِفَتْح الْحَاء وَكسرهَا وقرىء بِهِمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} آل عمرَان 97 وَالْحَجِيجُ وَالْحُجَّاجُ جَمْعُ حَاجٍّ ثُمَّ نُقِلَ الْحَجُّ فِي الشَّرْعِ إِلَى قَصْدٍ مَخْصُوصٍ كَسَائِرِ الْأَسْمَاءِ الشَّرْعِيَّةِ.تَنْبِيهٌ:قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الْبَقَرَة 196 وَلَمْ يَقُلْ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لِلَّهِ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يَكْثُرُ الرِّيَاءُ فِيهِمَا جِدًّا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِقْرَاءُ حَتَّى إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْحُجَّاجِ لَا يَكَادُ يَسْمَعُ حَدِيثًا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا ذَكَرَ مَا اتَّفَقَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فِي حَجِّهِ فَلَمَّا كَانَا مَظِنَّةَ الرِّيَاءِ قيل فيهمَا لله اعتناء بالإخلاص.فَائِدَة:قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَجَّ الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خرج مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» تَشْبِيهُهُ يَوْمَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَطْنِ يَقْتَضِي أَنْ لَا تَبْقَى عَلَيْهِ تَبِعَاتُ الْعِبَادِ وَلَا قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ وَلَا الْكَفَّارَاتِ وَجَوَابُهُ أَنَّ لَفْظَ الذُّنُوبِ لَا يَتَنَاوَلُ هَذِهِ الْأُمُورَ لِأَنَّ ثُبُوتَ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ ذَنْبًا وَإِنَّمَا الذَّنْبُ الْمُطْلُ بِالْحُقُوقِ بَعْدَ تَعَيُّنِهَا وَلَا يَتَنَاوَلُ الْحُقُوقَ ألْبَتَّةَ نَعَمْ يَتَنَاوَلُ الْمُطْلَ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ لَكِنِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ حَقَّ الْعَبْدِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِسْقَاطِهِ فَيَكُونُ مَخْصُوصًا مِنَ الْحَدِيثِ فيتخلص أَنَّ الَّذِي يُسْقِطُ الْحَجَّ إِثْمُ مُخَالِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ سُؤَالٌ كَيْفَ يُسَوِّي اللَّهُ بَيْنَ الْفِعْلِ الْعَظِيمِ وَالْحَقِيرِ فِي الْجَزَاءِ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَجْرُكَ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكَ» فَالْغُفْرَانُ قَدْ رَتَّبَهُ اللَّهُ عَلَى الْحَجِّ الْمَبْرُورِ وَرَتَّبَهُ عَلَى قِيَامِ رَمَضَانَ وَقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمُوَافَقَةِ التَّأْمِينِ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ وَعَلَى التَّوْبَةِ جَوَابُهُ اسْتَوَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ فِي التَّكْفِيرِ وَاخْتَلَفَتْ فِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ.قَاعِدَةٌ:قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ الْحَجُّ أَفْضَلُ مِنَ الْغَزْو لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» فَذَكَرَ الْحَجَّ وَلَمْ يَذْكُرِ الْغَزْوَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُكْثِرُ الْحَجَّ وَلَا يَحْضُرُ الْغَزْوَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ مَا جَمِيعُ أَعْمَالِ الْبِرِّ فِي الْجِهَادِ إِلَّا كَنُقْطَةٍ فِي بَحْرٍ فَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إِذَا تَعَيَّنَ وَيَكُونُ جَوَابا فِي حق سَائل لفرط شجاعته كَمَا سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَي الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ» وَسُئِلَ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ: «الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا» قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَأَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ الطَّوَافُ لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مُشَبَّهٌ بِالصَّلَاةِ وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الْحَجِّ فَيَكُونُ أَفْضَلَ الْأَرْكَانِ فَإِن قيل قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَجُّ عَرَفَةُ» يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ الْوُقُوفِ عَلَى سَائِرِ الْأَرْكَانِ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ مُعْظَمُ الْحَجِّ وُقُوفُ عَرَفَةَ لِعَدَمِ انْحِصَارِ الْحَجِّ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ قِيلَ بَلْ يُقَدَّرُ غَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ إِدْرَاكُ الْحَجِّ وُقُوفُ عَرَفَةَ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَيَكُونُ أَوْلَى مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَقَدْ صَرَّحَ مَالِكٌ بِأَنَّ الطَّوَافَ لِلْغُرَبَاءِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْمَكِّيِّينَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَضِّلَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَرْكَانِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ وَيَتَمَهَّدُ فِقْهُ هَذَا الْكِتَابِ فِي بَيَانِ سَبَبِ وُجُوبِ الْحَجِّ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ وَسَوَابِقِهِ وَمَقَاصِدِهِ وَلَوَاحِقِهِ وَمَحْظُورَاتِهِ وَأُوَضِّحُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي أَحَدَ عشر بَابا:.الباب الْأَوَّلُ فِي سَبَبِ وُجُوبِهِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} آل عمرَان 97 وَتَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ كَقَوْلِنَا زَنَا فَرُجِمَ وَسَهَا فَسَجَدَ وَسَرَقَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ وَقَدْ رَتَّبَ اللَّهُ تَعَالَى الْوُجُوبَ بِحَرْفِ عَلَى مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ فَتَكُونُ سَبَبًا لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِ الْمُكَلَّفِ فِي صِحَّتِهِ وَمَالِهِ وَعَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِبُعْدِ الْمَسَافَةِ وَقُرْبِهَا وَكَثْرَةِ الْجِلْدِ وَقِلَّتِهِ قَالَ فَعَلَى الْمَشْهُورِ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ وَجَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ عَدَمَ الْمَرْكُوبَ وَكَذَلِكَ الْأَعْمَى إِذَا وَجَدَ قَائِدًا وَكَذَلِكَ مَنْ لَا يَجِدُ إِلَّا الْبَحْرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَالِبُهُ الْعَطَبَ وَقَالَ ح أَوْ يُعْلَمُ أَنَّهُ يُبْطِلُ الصَّلَوَاتِ بِالْمَيْدِ وَلَوْ كَانَ لَا يَجِدُ مَوْضِعًا لِسُجُودِهِ لِلضِّيقِ إِلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَرْكَبُ قَالَ سَنَدٌ وَلِمَالِكٍ لَا يَحُجُّ الرَّجُلُ فِي الْبَحْرِ إِلَّا مِثْلَ الْأَنْدَلُسِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ الْبَرَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} الْحَج 27 وَلَمْ يَذْكُرِ الْبَحْرَ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ ش وَفِي الْجَوَاهِرِ يُخْتَلَفُ فِي إِلْزَامِ الْمَرْأَةِ الْحَجَّ إِذَا عَدِمَتِ الْمَرْأَةُ الْوَلِيَّ وَوَجَدَتْ رُفْقَةً مَأْمُونِينَ وَمَعَ الْحَاجَةِ إِلَى الْبَحْرِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَإِذَا ذَكَرَ الْعَشَاءَ صَلَّاهَا وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَقَدَّمَ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ عَلَى الْحَجِّ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْجُمْعَةِ إِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ السُّجُودُ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ يُجْزِئُهُ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَخَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْعَجْزَ عَنِ الْقِيَامِ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ السُّجُودَ رُكْنٌ بِدَلِيلِ سُقُوطِ الْقِيَامِ فِي النَّوَافِل وَالْمَسْبُوقِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَسْقُطُ إِذَا كَانَ فِي الطَّرِيقِ عَدُوٌّ يَطْلُبُ النَّفْسَ أَوْ مِنَ الْمَالِ مَا لَا يَتَجَدَّد أَو يَتَجَدَّدُ وَيُجْحَفُ وَفِي غَيْرِ الْمُجْحَفِ خِلَافٌ وَقَالَ أَصْحَاب ح وش وَإِذَا لَمْ يُمْكِنُهُ السَّفَرُ إِلَّا بِدَفْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَيَجِبُ عَلَى عَادَته السوال إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَجِدُ مَنْ يُعْطِيهِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا عُرُوضُ التِّجَارَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا مَا يُبَاعُ لِلدَّيْنِ وَأَلْزَمَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْعَ فَرَسِهِ وَتَرْكَ أَوْلَادِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ بَلْ لِلصَّدَقَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْأَئِمَّةُ الِاسْتِطَاعَةُ زَادٌ وَمَرْكَبٌ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُوجِبُ الْحَجَّ قَالَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ أَوْ لَعَلَّهُ حَالُ مَفْهُومِ السَّائِلِ وَظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} يَقْتَضِي أَن كل أحدا عَلَى حَسَبِ حَالِهِ فَإِنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الْقُدْرَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} النِّسَاء 129 وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ مَنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَا تُعْتَبَرُ الرَّاحِلَةُ فِي حَقِّهِ إِجْمَاعًا فَلَوْ كَانَتْ شَرْطًا فِي الْعِبَادَةِ لَعَمَّتْ وَكَذَلِكَ الزَّادُ قَدْ يَسْتَغْنِي عَنْهُ مَنْ قَرُبَتْ دَارُهُ فَلَيْسَا مَقْصُودَيْنِ لِأَنْفُسِهِمَا بَلْ لِلْقُدْرَةِ على الْوُصُول وَإِذا تيَسّر الْمَقْصُودُ بِدُونِ وَسِيلَةٍ مُعَيَّنَةٍ سَقَطَ اعْتِبَارُهَا قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَيُقَدِّمُ الْحَجَّ عَلَى زَوَاجِهِ وَوَفَاءِ دَيْنِ أَبِيهِ وَلَوْ قُلْنَا إَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي خَشْيَةَ الْعَوَائِقِ وَالْحَجُّ قُرْبَةٌ وَالنِّكَاحُ شَهْوَةٌ وَإِنْ قُلْنَا عَلَى الْفَوْرِ وَجَبَ وَدَيْنُ الْأَبِ لَا يَجِبُ إِلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَنَتَ فَيَتَزَوَّجُ لِأَنَّ مَفَاسِدَ الزِّنَا أَعْظَمُ وَالْمَرْأَةُ إِذَا قُلْنَا لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا قَدَّمَتِ الْحَجَّ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَوْ تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ أَوِ الرَّجُلُ فَالنِّكَاح صَحِيح وَلَا يجوز زواج الْأمة لتوفير الْمَالَ لِلْحَجِّ لِوُجُودِ الطَّوْلِ وَلَوْ شَقَّ عَلَيْهِ رُكُوبُ الْقَتْبِ وَالْمَحْمَلُ مَشَقَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ تَحَمُّلُهَا لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَقُلْنَا الْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي اعْتَبَرْنَا قُدْرَتَهُ عَلَى النَّفَقَةِ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَمَا يُنْفِقُهُ عَلَى مُخْلَفِيهِ فِي غَيْبَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حِرْفَةٌ يَعْمَلُهَا فِي سَفَرِهِ اعْتَبَرْنَا نَفَقَةَ أَهْلِهِ فَقَطْ وَإِنْ قُلْنَا هُوَ عَلَى الْفَوْرِ قُدِّمَ عَلَى نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ صَبْرَهَا بِيَدِهَا وَنَفَقَةُ بَعْضِ الْأَقَارِبِ الْمُتَأَخِّرِينَ مُوَاسَاةٌ تَجِبُ فِيمَا يَفْضُلُ عَنِ الضَّرُورَةِ فَإِنْ وَجَدَ النَّفَقَةَ لِذَهَابِهِ فَقَطْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يخْشَى الضّيَاع هُنَاكَ فتراعى نَفَقَته الْعود إِلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إِلَى مَوْضِعٍ يَعِيشُ فِيهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَبَذَلَ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِأَنَّ أَسْبَابَ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ تَحْصِيلُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ بَذَلَ لَهُ قَرْضًا لِأَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ الْحَجَّ وَإِنْ غَصَبَ مَالًا فَحَجَّ بِهِ أَجْزَأَهُ حَجُّهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَلَا يُجْزِئُ كَأَفْعَالِ الْحَجِّ وَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ النَّفَقَةَ أَجْنَبِيَّةٌ عَنِ الْحَجِّ بَلْ هُوَ كَمَنْ غَرَّرَ بِنَفْسِهِ وَحج فَإِنَّهُ يُجزئهُ.
|